فصل: الصنف الرابع: التهنئة بعيد الفطر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: صبح الأعشى في كتابة الإنشا **


  الصنف الرابع‏:‏ التهنئة بعيد الفطر

من كلام المتقدمين‏:‏ لأبي الحسين بن سعد‏:‏ عظّم الله على سيدي بركة هذا العيد وأعاشه لأمثاله من الأعياد المشهودة والأيّام الجديدة في أهنأ عيشٍ وأرغده وأطول مدىً وأبعده‏.‏

أبو الفرج الببغاء‏:‏ أسعدك الله بهذا الفطر الجديد والعيد السّعيد ووصل أيّامك بعده بأكمل السّعادات وأجمل البركات وجعل ما أسلفته من الدّعاء مقبولاً مسموعاً ومن التهجّد زاكياً مرفوعاً ولا أخلاك من نعمةٍ يحرس الشكر مدّتها ولا يخلق الدّهر جدّتها‏.‏

من كلام المتأخرين‏:‏ المولى أدام الله نعمه وحرس شيمه هو سيّد الأفاضل ورئيس الأماثل وحسنة الزّمان وليث الأقران وهو في الأنام كالأعياد في الأيّام فإنّ الأنام ليلٌ والمولى مصباح بل الصّباح وسائر الأيّام أجسادٌ وسائر الأعياد هي الأرواح فإذا كان المولى قد زهي على أبناء جنسه ويوم العيد على غده وأمسه فقد صار كلٌّ منكما إلى صاحبه يتقرّب ويلزم ويلزب وهو أحقّ الناس بأن يبهجه مقدمه وأن يهنّى بيومه الذي هو مجمع السّرور وموسمه‏.‏

والخادم يهنّيء المولى بهذا العيد واليوم السّعيد فإنه وافى في أوان الرّبيع وزمانه ليباهي بغصن قدّه أغصان بانه ويستنشق في صدره وورده رائحة ريحانه وورده ويختال في رياضه وحدائقه ويلاحظ بهجة أزهاره وشقائقه والعيد والرّبيع ضيفان ومكارم المولى جديرةٌ بإكرام الضيف والتمتّع بالملاذّ فيهما قبل رحيلهما وقدوم حرّ الصّيف وأن يحسّن وجه عيده بحلوله في مغناه ووجوده بما يوليه لعفاته من إنعامه وجوده لا زالت الأعياد تهنّى ببقائه وألسنة الأيّام تشكر سوابغ نعمائه وتحمد جزيل عطائه وتنطق بولائه وثنائه أبداً إن شاء الله تعالى‏.‏

قلت‏:‏ ومما كتبت به مهنّئاً للمقرّ الأشرف الناصريّ محمد بن البارزي صاحب دواوين الإنشاء الشريف بالممالك الإسلامية في الدولة المؤيّديّة شيخ بعيد الفطر نظماً بعد أن سألته حاجةً فقضاها وأسنى لي الجائزة على نثرٍ كتبته له ‏"‏ طويل ‏"‏‏.‏

فمنّ بجاهٍ زعزع الأرض وقعه وجاد بمالٍ لا يرى الفقر بعده وبالبارزيّة ازدان وصف مكارمٍ فأشبه في فضلٍ أباه وجدّه فيهناه صومٌ ثمّ عيد مسرّةٍ وطالع إقبالٍ يقارن سعده ورفع دعاءٍ لا يغبّ تتابعاً وطيب ثناءٍ خامر المسك ندّه الصنف الخامس‏:‏ التهنئة بعيد الأضحى‏.‏

من كلام المتقدمين‏:‏ أبو الحسين بن سعد‏:‏ كتابي والنحر نحر الله أعداء مولاي وحسّاد نعمته وأمتعه بمواهبه عنده وبارك له في أعياده ومتجدّد أيّامه بركةً تنتظم السّعادات وتتضمّن الخيرات متصلةً غير منقطعة وراهنةً غير فانية‏.‏

من كلام المتأخرين‏:‏ الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي ‏"‏ طويل ‏"‏‏.‏

تهنّ فأيّام السّرور أواهل وكلّ مخوفٍ عن جنابك راحل ونجمك من فوق الكواكب طالعٌ ونجم امريءٍ يشنا سموّك آفل تمتّع بعيد النّحر وافاك خاضعاً يحقّق من دنياك ما أنت آمل ودم كابت الأعداء وابق مخلّداً على المال عالٍ بالرعيّة عادل لقد راق مدحي في معاليك مثل ما صفت منك أوصافٌ ورقّت شمائل جعله الله أبرك الأعياد وأسعدها وأيمن الأيّام وأمجدها وأجمل الأوقات وألذّها وأرغدها ولا برح مسروراً مستبشراّ منصوراً على الأعداء مقتدراً مسعوداّ محموداً معاناً بملائكة السماء معضوداً مهنّأً بالسّعود الجديدة والجدود السّعيدة والقوّة والناصر والعمر الطويل الوافر ‏"‏ طويل ‏"‏‏.‏

ولا زالت الأعياد لبسك بعده فتخلع مخروقاً وتعطى مجدّدا فذا اليوم في الأيّام مثلك في الورى كما كنت فيهم أوحداً كان أوحدا وأعاده على المولى صحّةٍ دائمة وسلامةٍ ملازمة وأصار عيده مطيعاً لأوامره كسائر العبيد وعبيده في كلّ يوم من المسّرة ببقائه لها كالعيد والأيّام به ضاحكة المباسم والأعوام جميلة المواسم ومتّعنا بدوام حياته واستجلاء جميل صفاته واستحلاء مدائحه بإنشاد عفاته وأراه نحر أعاديه بين يديه كأضاحيه وأصار الحجّ إلى بابه غافراً سيّئات الإفلاس والإعدام ومبيحاً لبس المخيط من إنعامه العامّ ألبسه الله من السعادة أجمل حلّة ومنحه من المكارم أجمل خلّة‏.‏

وكان لهم به اهتمامٌ في الدولة الفاطمية بالديار المصرية والطريق في التهنئة به على نحو غيره من الأعياد‏.‏

ما تهنئةً لكلّ عيد‏.‏

أبو الفرج الببغاء‏:‏ لولا العادة المشهورة والسّنّة المأثورة بالإضافة في الدّعاء والمشافهة بالتهنئة والثناء في مثل هذا اليوم الشريف قدره الرفيع ذكره لكان أيّده الله دون رؤساء الدهر وملوك العصر يجلّ عن التهنئة إذ كانت سائر أيّامه بما يودعها من أفعال الخير معظّمة وبما يبثّها من المحاسن مكرّمة فبلّغه الله أمثاله محروساً في نفسه ونعمته محفوظاً في سلطانه ودولته موفياً على أبعد أمانيه مدركاً غايتها فيما يؤمّله ويرتجيه‏.‏

وله في مثله‏:‏ عرّفك الله يمن هذا العيد وبركته وضاعف لك لإقباله وسعادته وأحياك لأمثاله في أسبغ النّعم وأكملها وأفسح المدد وأطولها وأشرف الرّتب وأرفعها أعزّ المنازل وأيفعها وحرس منحتك من المحذور ووقى نعمتك من عثرات الدّهور‏.‏

الصنف السابع‏:‏ التهنئة بالنّيروز‏.‏

وهو من أجلّ أعياد الفرس على ما تقدّم ذكره في الكلام على أعياد الأمم في المقالة الأولى‏.‏

وكان للكتّاب به اهتمامٌ في أوائل الدّولة العبّاسية بالعراق جرياً على ما كان عليه الفرس من قديم الزمان‏.‏

وفيه لأبي الحسين بن سعد‏:‏ هذا يومٌ شرّفته العجم ورعى ذمامه الكرم وهو من أسلاف سيّدي ذوي النباهة وأخلافه ذوي الطّهارة بين منشيء رسمه ومؤدّي حقّه وكاسٍ له بقبول انتسابه إليه جمالاً يبقى على الأيام وحالاً ينفق بها لدى الأنام فليس أحدٌ أحق بالتهنئة به ممن سنّه آباؤه وشيّدته آلاؤه فصارت إلى أوّليّته نسبته وبكرم سجيّته عصمته‏.‏

وفيه له‏:‏ هذا - أيد الله سيّدي - يومٌ عظّمه السّلف من العجم وسيّدي وارث سنّة الكرم وللسادة على العبيد في هذا اليوم رسم في الإلطاف وعليها لهم حقٌّ في القبول والإسعاف وقد بعثت بما حضر جارياً على سنّة الخدمة وعادلاً عن طريق الحشمة ومقتصراً على ما اتّسعت له الحال وما يوجبه قدر سيّدي من المبالغة في الاحتفال فإن رأى أن يشرّف عبده بالاحتمال إليه وإجرائه مجرى الأنس عنده فعل إن شاء الله تعالى‏.‏

وفيه للكرجيّ‏:‏ هذا يومٌ تسمو له العجم ويستعجم في العرب تشريفاً له واعترافاً بفضله واقتداءً بأهله وأخذاً بسنّتهم فيه فليهن لإحراز الدولة في العزّ منزلاً بحيث لا يرام ولا يضام ولا ترقى إليه الأماني ولا يطمع في مساواته المساوي وإنّهم بعد تصرّم الدولة على حميد آثارها وجميل الذّكر فيها أعلامٌ تضرب بهم الأمثال وتزهو بأيّامهم الأيّام وآثارهم تقتفى وأعيادهم تنتظر يتأهّب لها قبل الأوان ويعرف فيها أثر الزمان وإنك منهم في الذّروة السامية والرّتبة العالية وبمحلٍّ لا عار معه على حرّة في الخشوع لك والتعلّق بحبلك‏.‏

وقد وجدت الأتباع عند ساداتها في مثل هذا اليوم على عادةٍ في الإلطاف جسّمتها وسيّرت بها على أقوام منحتهم ظهور الدّعوى فيها فأقبل قائلهم يقول‏:‏ لو كان باب الإهداء مفتوحاً غير مسدود ومباحاً غير ممنوع لأتحفت بالغراب الأعصم والكبريت الأحمر والأبلق العقوق وبيض الأنوق‏.‏

وقد بعثت بهديّة لا تردّ يعني الدّعاء‏.‏

وفيه‏:‏ من كان محلّك من العزّ ونباهة الذّكر وارتفاع الدّرجة وعلوّ المنزلة وسعة البلد وبعد الأمد لم يتقرّب متحلٍّ بالعلم والأدب إليه في يومٍٍ جديدٍ إلاّ بصالح الدّعاء وحسن الثناء‏.‏

وفيه‏:‏ لو أخّرنا هذا انتظاراً لوجود ما تستحقّه لانقضت أيّامنا بل أعمارنا قبل أن نقضي حقّاً أو نؤدّي عن أنفسنا فرضاً لارتفاع قدرك عمّا تحويه أيدينا وعلوّ حالك عمّا تبلغه آمالنا وقد اقتديت بسنّة الخدم والأولياء في الأعياد وأوضحت العذر في ترك الاجتهاد وبعثت في هذا اليوم الذي أسأل الله أن يعيده عليك ألف عام في نماء من العز وعلوّ من القدر وتمامٍ من السّرور ومزيدٍ من النّعمة‏.‏

الصنف الثامن‏:‏ التهنئة بالمهرجان‏.‏

وهو أحد أعياد الفرس على ما تقدّم ذكره في المقالة الأولى في الكلام على أعياد الأمم‏.‏

وكان للكتّاب من الاحتفال بالتهنئة به في أوائل الدولة العبّاسيّة ما لهم بالنيّروز‏.‏

فيه لأبي الحسين بن سعد‏:‏ لسيّدي عليّ في الأعياد المشهورة والأيّام الجديدة عادةٌ اختزلني عن بعضها في هذا الفصل كلال الطّبع عن البعض ووقوع الخطر بعرضه من الثناء نظماً ونثراً ومن الإهداء عرضاً وبرّاً دعاءٌ تزيد قيمته على الأخلاق الثّمينة وموقعه على الذخائر النّفيسة ولطفه على التّحف البديعة فأسعد الله سيدي بهذا اليوم سعادةً تقيم ولا تريم وتزيد ولا تبيد وتتوطّن ولا تظعن وتجمع حظوظاً من الخيرات وفوائد من البركات يتّصل سندها ولا ينتهي أمدها وأبقاه في أسبغ عزٍّ وأرفع رتبة وأرغد عيشة مكنوفاً بحراسةٍ تقيه وآله عوادي الزمان وتصرف عنهما طوارق الحدثان ما طرد الليل النّهار وطلع نجم وغار وعلى ذلك - أيد الله سيدي - فإنّ الحرص على إقامة الرّسم والتطيّر من إضاعة الحقّ بعثاني على مراجعة القريحة واستكداد الرّوّية فأسعفا بما قبلته الضرورة ولم أطع في إهدائه سلطان الحشمة وفضل سيدي يتّسع لقبول الميسور وتحسين القبيح والله المعين على تأدية حقّه والقيام بواجب فرضه‏.‏

وله فيه أيضاً إلى من منع أن تهدى إليه فيه هدية‏.‏

لو كنت فتحت باب الإلطاف ونهجت إليه سبيلاً لتنازع أولياؤك قصب السّبق وتنافسوا في السّرف فبان للمجتهد فضله والتمس العذر في التقصير ملتمسه وعمّت المنحة كافّتهم بما يظهر من مواقعهم وينكشف من أحوالهم لكنّك حظرت ذلك حظراً استوى فيه الفريقان في الحكم وامتدّ فيه على ذوي الخلل السّتر ولم تحظر الدّعاء إذ حظرت الإهداء فأنا أهديه ضرورةً واختياراً وإعلاناً وإسراراً فأسعدك الله بهذا العيد الجديد الذي زاد بك في قدره وشرّفه بأن جعلك من أربابه وولاة أمره‏.‏

أبو الفرج البّبغاء‏:‏ هذا اليوم من غرر الدّهور المشهورة وفضائل الأزمنة المذكورة معظّمٌ في العهد الكسرويّ مستظرفٌ في العصر العربيّ باعثٌ على عمارة المودّات مخصوص بالانبساط في الملاطفات ولست استزيده - أيّده الله - من برٍّ يوليه ولا تطوّل إليّ يسديه غير إدخال في جملة من بسطته الأنسة وثقّفته المحبّة وتقرّبت منه بوكيد الخدمة في قبول ما إن شرّف بقبوله كان كثيراً مع قلّته جليلاً مع نزارته فإن رأى أن يقوّي منه ثقتي ويقابل بقبولٍ ما أنفذته رغبتي فعل إن شاء الله تعالى‏.‏

وله في مثله‏:‏ قد أطعت في الانبساط إليك دواعي الثّقة وسلكت في التحرّك بك سبل الأنسة وتوصّلت بملاطفتك إلى حسم موادّ الحشمة فاستشهدت على ثقتي بك فيما أنفذته بمفارقة الحفلة وكلف المكاثرة فإن رأيت أن تكلني في تقبّله إلى سعة أخلاقك وتسلك في ذلك أخصر طريقٍ إلى ما أخطبه من مودّتك وأزاحم عليه في إخائك فعلت إن شاء الله تعالى‏.‏

وله في مثله‏:‏ هذا اليوم - أيّد الله سيدي - من أعياد المروّة ومواسم الفتوّة وأوطان السرور ومحاسن الأزمنة والدّهور بلغّه الله أمثاله في أنضر عيشٍ وأسبغ سلامة وأبسط قدرة وأكمل مسرّة وقد توثّبت إلى الاقتداء فيه بأدبه والأخذ بمعرفة فروضه بمذهبه وأطعت في الانبساط إليه دواعي الثّقة وأنفذت ما اعتمدت في قبوله على مكاني منه عائداً بالتقليل من كلف المكاثرة ومستثقل الكلفة فإن رأى أن يأتي فيما التمسته ما يناسب شرف طبعه وسعة أخلاقه فعل وله في مثله‏:‏ لو كانت الملاطفات بحسب الرّتب وقدر المنازل لما انبسطت قدرةٌ ولا اتسع مكان لما يستحقّه نبل محلّه وواجبات رياسته ولكنت من بين خدمه ضعيف المنّة عن خدمته في هذا اليوم السعيد بلّغه الله أمثاله في أفسح أجل وأنجح أمل بما يخدمه به ذوو الخدمات الوكيدة عنده المكينة لديه غير أنّي أثق منه - أيّده الله - بحمل قليلي على علمه بإخلاصي في ولائه وانتسابي إلى جملته واختلاطي بأنسابه فإن رأى أن يجيرني في قبول ذلك على سنّة أمثاله من ذوي الجلالة عند أمثالي من الأولياء والحاشية فعل‏.‏

وله في مثله‏:‏ لو كانت الهدايا لا تتقبّل ما لم تناسب في نفاسة القدر وجلالة الذكر محلّ من يتقرّب بها إليه ومنزلة من أهداها إليه عليه لما سمت همّة ولا اتّسعت قدرة لما يستحقه - أيّده الله - بأيسر واجباته وأصغر مفترضاته غير أنّ الأنسة بتفضله والاعتداد بسالف تطوّله والتحقّق بخدمته والانتساب إلى جملته بسطني إلى إنفاذ ما إن شرّفني بقبوله كان مع قلّته كثيراً ومع نزارته جليلاً فإن رأى أن يقوّي بذلك منه ثقتي ويحسم مادّة احتشامي فعل‏.‏

أجوبة التهنئة بالمواسم والأعياد‏.‏

قال في ‏"‏ موادّ البيان ‏"‏‏:‏ هذه الكتب والرّقاع مضمونها الهناء بالموسم الجديد والدعاء للمهنإ فيه بتملّيه‏.‏

قال‏:‏ وهذا المعنى مفاوض بين المهنّي والمهنّى وينبغي أن تكون أجوبتها مشتقّةً منها‏.‏

ثم قال‏:‏ وقد يتصرّف الكتّاب فيها إذا كاتبوا الرّؤساء تصرّفاً يخرج عن هذا الحكم‏.‏

وهذه أمثلة من ذلك‏:‏ أبو الفرج الببغاء‏:‏ سمع الله دعاءك وبدأ في تقبّل المسألة بك وأجزل من أقسامه حظّك وبلّغك أمثاله في أفسح مدد البقاء وزاد فيما خوّلك من المواهب والنّعماء ولا أخلاني من برّك وأنهضني بواجباتك‏.‏

وله في مثله‏:‏ كلّ يوم أسعد فيه بمشاهدتك وأقطعه في ظلّ مودّتك حقيقٌ بالإحماد موفٍ على محاسن الأعياد فسمع الله دعاءك وأطال ما شئت البقا بقاءك وجعل سائر أيّامك مقرونةً بالسّعادات موصولةً بتناصر البركات‏.‏

من زهر الربيع‏:‏ يخدم المجلس العالي جعل الله قدره على الأقدار سامياً وجزيل نواله على من هام به العفاة هامياً ونصره نصراً عزيزاً وأسكنه من حراسته حصناً حصيناً وحرزاً حريزاً ولا زالت الأيّام حالية الجيد بوجوده والأيدي تهشّ إلى تناول أياديه وجوده وأخبار المكارم عنه مرويّة وإليه معزوّة وآيات فضله وفضائله بكلّ لسانٍ متلوّة‏.‏

وينهي إلى علمه ورود مشرّفته التي حلّت الأسماع عندما حلّت وسمت عن الرّياض لمّا جلّيت عروس فضلها وجلّت وزهت على زهورها برقم سطورها وطيب عرفه الذي ما برح متحقّقاً بجميله وجزيله وشاكراً لكثيره وقليله وحصلت له البشرى والمسرّة الكبرى ليس للعيد بمفرده ولا لهذا الهناء بمجرّده بل لبقاء المولى ودوام سعادته وتخليد سيادته فإنّه لكلّ إنسان عينٌ ولكلّ عين إنسان وهو روحٌ والأيّام والأنام جثمان فالمملوك ببقائه كلّ يومٍ يتجدّد له عيدٌ جديد ويتضاعف له جدٌّ سعيد حرس الله شرفه الرفيع من الأذى وأراه في عين أعاديه جذعاً ناتئاً وسلّم لحظه المحروس من القذى وأصار أيّامه كلّها أيام هناء وبداية سعادته بغير حدٍّ وانتهاء‏.‏

الضرب السادس التهنئة بالزواج والتسرّي من كلام المتقدّمين‏:‏ وصل الله هذا الاتّصال السعيد والعقد الحميد بأحمد العواقب وأجمل المنح والمواهب وجعل شمل مسرّتك به ملتئماً وسبب أنسك بإقباله منتظماً وعرّفك به تعجّل البركات وتناصر الخيرات ولا أخلاك فيه من التّهاني بنجباء الأولاد وكبت بكثرة عددك سائر الحسّاد وهنأني النعمة الجليلة بإخائك وعضّدني وسائر إخوانك ببقائك‏.‏

وله في مثله‏:‏ قرن الله بالخيرة ما عقدت وبالسعادة ما جدّدت وبجميل العاقبة ما أفدت وعرّفك بركات هذا الاتصال ولا أخلاك فيه من موادّ السعادة والإقبال وعضّدك بالبررة من عقبك والسادة من ذرّيّتك‏.‏

وله في مثله‏:‏ إنّي وإن كنت ملتحفاً بلحف مودّتك ومتمسّكاً بعصم أخوّتك أولى بالتهنئة بما يحدث لك من ورود نعمة واتّصال موهبة فإنّي ما أجد فرض الدعاء لك ساقطاً ولا واجب الشكر لله تعالى على ما أولاني فيك زائلاً فعرّفك الله بركة هذا الاتصال الحميد والاقتران السّعيد وجعله للسّرور مكثّراً وباليمن مبشّراً وأحياك للتهاني بمثله في السادة من ولدك والنّجباء من ذرّيّتك‏.‏

وصل الله هذا الاتصال الميمون بأرجح البركات وأفضلها وأنجح الطّلبات وأكملها وأحمد بدأه وعقباه وبلّغك الآمال في سائر ما تهواه وأحياك للتّهاني بأمثاله في البررة من ولدك والنّجباء من عقبك‏.‏

من كلام المتأخرين‏:‏ للشيخ شهاب الدين محمود الحلبي‏:‏ جعل الله الخيرة له فيما يذره ويأتيه والنجاح مقروناً فيما يعيده من الأوامر ويبديه والألسنة شاكرةً بما يوليه من الإنعام ويسديه‏.‏

صدرت هذه الخدمة معربةً عن ثناءٍ تأرّج عرفه وولاءٍ أعجز الألسنة شرحه ووصفه وتهنئةٍ بهذه الوصلة المباركة جعلها الله للاتصال بالسعادة سبباً ومحصّلةً من الخيرات مراماً وافراً وأرباً وعرّفه بركة هذا العرس الذي أصبح الخير بفنائه معرّساً ونور الشمس من ضياء بهجته مقتبساً فنحمد الله على هذه الوصلة سرّاً وجهراً ونشكره أن جعل بينه وبين السّعد نسباً وصهراً منح الله المولى الرّفاء والبنين والعمر الذي يفني الأيام والسّنين ورزقه إسعافاً دائماً وإسعاداً وأراه أولاد أولاده آباءً بل أجداداً إن شاء الله تعالى‏.‏

أجوبة التهنئة بالزواج والتّسرّي‏.‏

قال في ‏"‏ موادّ البيان ‏"‏‏:‏ أجوبة هذه الرّقاع يجب أن تكون شكراً للمهنّي على العناية والاهتمام ومشتملة على الإبانة عن موقع دعائه من التبّرك والتيّمن به إلا أن تكون البداية بمعنىً يخرج عمّا هذا جوابه فينبغي أن يجاب عنه بما يقتضي الإجابة عن ذلك‏.‏

الضرب السابع من التهاني التهنئة بالأولاد وهو على ثلاثة أصناف الصنف الأول‏:‏ التهنئة بالبنين‏.‏

مما أورده أبو الحسين بن سعد في ترسّله‏:‏ إنّه ليس من نعم الله وفرائد قسمه وإن حسن موقعها ولطّف محلّها نعمةٌ تعدل النعمة في الولد لنمائها في العدد وزيادتها في قوّة العضد وما يتعّجل من عظيم بهجتها ويرجى من باقي ذكرها في الخلوف والأعقاب ولا حق بركتها في الدعاء والاستغفار‏.‏

ومنه‏:‏ إنّه ليس من النّعم نعمةٌ تشبه النعمة في الولد لزيادتها في قوّة العضد وحسن موقعها في الخلف والعقب واتصل بي خبر مولودٍ فسرّني ما وصل الله به من العارفة إليك وشركتك في جميل الموهبة فيه شركة من له ما لك وعليه ما عليك وسألت الله أن يوزعك شكر النّعمة ويؤنس بهذا المولود ربعك ويكثّر به غددك ويعظّم بركته ويمن طائره عليك ويزيد في النعمة وفيه لأبي الحسين بن سعد إلى أبي المسلم بن بحر يهنّئه بابنٍ حدث له‏:‏ فأمّا ما جدّد الله من النعمة في القادم والموهوب لك ولداً وأنساً ولنا سنداً وذخراً فقد جلّ قدره هذه الموهبة عن أن يحاط لها بوصف أو يوفى لها بشكر‏.‏

وفيه لعلي بن خلف‏:‏ وينهي أنه اتّصل بالمملوك بزوغ نجم سعدٍ في مشارق إقباله مؤذنٍ باتّساق سموّه وجلاله فأحدث من الحلال والاستبشار بمقدمه والتبرّك والتيّمن بقدمه ما تلألأت على المملوك أنواره وحسنت عنده آثاره وسألت الله تعالى راغباً إليه في أن يعرّفه سعادة مولده ويمن موفده ويجعله شادّاً لعضده ومورياً لزنده ويشفعه والسادة السابقين بنجباء متلاحقين يتبلّجون في نطاق سعادته ويتوسّمون في آفاق سيادته ويصون سلكهم من الانفصام وشملهم من الانهدام ويبقيهم غرراً في وجوه الأيّام وأقماراّ في صفحات الظّلام بمنّه وفضله إن شاء الله تعالى‏.‏

وفيه له‏:‏ وينهي أنّ المملوك يشكر الله تعالى على ما أنزله عند مولانا من عوارفه واختصّه به من لطائفه شكر من شاركه في النعمة المسبغة عليه وانتهى إليّ خبر السّند المتجدّد لمولانا فطار المملوك بخوافي السّرور ومقادمه وأخذ من الابتهاج بأوفى قسمه وسأل الله تعالى أن يبارك له في عطيّته ويردفه بزيادته ويوفّر عدده ويشدّ بصالح الولد عضده ويجنيه من هذا وفيه‏:‏ وينهي أنّ أفضل النّعم موقعاً وأشرفها خطراً وموضعاً نعمة الله تعالى في الولد لزيادتها في العدد وقوّة العضد وما يتعجّل من عظم جمالها وزينتها ويرجى من عظم مآلها وعاقبتها في حفظ النسب والأصل وحسن الخلافة على الأهل وجميل الذّكر والثّناء ومتقبّل الاستغفار والدّعاء وقد اتصل بالمملوك بزوغ هلال سماء المجد ومتعلّق الإقبال والسّعد فأشرقت الأيّام بإشراقه ووثقت الآمال باجتلائه واتّساقه فقام المملوك عن مولانا بشكر هذه النّعمة المتجدّدة والموهبة الراهنة الخالدة وهنّأت نفسي بها وأخذت بحظّي منها والله تعالى يعرّفه يمن المولود من أطهر والدة وأطيب والد ويعمّر به منزله ويؤنس ببقائه رحله ويبلّغ محبّيه من الآمال فيه ما بلّغهم في الماجد أبيه إن شاء الله تعالى‏.‏

وفيه‏:‏ وينهي أنّ نعم الله تعالى وإن كانت على مولانا متظاهرة ولديه متناصرة فقد كان المملوك يرغب إلى الله تعالى في أن يجمّل الأيّام من نسله بمن يحفظ عليه شرف أصله ويخلفه بعد العمر الطويل في نبله وكرم فعله ولمّا اتصل بالمملوك نبأ هذا الهلال البازغ في سمائه المقرّ لعيون أوليائه المخيّب لظنون أعدائه حمدت الله تعالى على موهبته وسألته إقرار نعمته وأن يعرّف مولانا بركة قدمه ويمن مقدمه ويوّفر حظّه من زيادته وسعادة وفادته وأن يجعله برّاً تقيّاً مباركاً رضيّاً ويفسّح في أجله ويبلّغه فيه أمله إن شاء الله تعالى‏.‏

الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي ‏"‏ كامل ‏"‏‏.‏

هنّئت بالإسعاف والإسعاد ونفاذ أمرٍ في العدا بنفاد وبقيت ما بقي الزمان مهنّأً ووقيت شرّ شماتة الحسّاد يا مالك الرّقّ الّذي أضحى لنا من جوده الأطواق في الأجياد خلّدت في عيش هنيٍّ أخضرٍ يسطو ببيض ظباً وسمر صعاد حتّى يخاطبك الزمان مبشّراً متّعت بالإخوان والأولاد جدّد الله في كلّ يوم له مسرّةً وبشرى وأطاب لعرفه عرفاً ونشراً وشدّ له بولده السعيد الطلعة أزراً وأسراً وسرّى به الهموم عن القلوب وأصارها لديه أسرى ورفع درجته إلى سماء المعالي ليقال‏:‏ سبحان الذي بعبده أسرى‏.‏

المملوك يخدم المولى ويهنّيه ويشكره ويطلعه على ما حصل له من الابتهاج للسبب الذي ينهيه ويذكره وهو أنه اتّصل به قدوم المسافر بل إسفار البدر وظهور ميمون الغرّة الذي جاء لأهله بأمانٍ من صروف الدّهر وهو الولد العزيز الموّفق النّجيب فلان أبقاه الله تعالى ليحيا مشكوراً محموداً وأدام عزّه وعلاه وأعلى نجمه وخلّد شرفه وبهاه وضاعف سناءه وسناه وأرانا منه ما أرانا من السعادة في أبيه فسرّ وابتهج بهذه النعمة غاية السّرور والابتهاج واتّضح له في شكر إحسان المولى وحسن ولده كلّ طريقٍ ومنهاج وسأل الله تعالى أن يطوّل له عمراً ويجعله لإسعاد والده وإسعافه ذخراً ليرتعا في رياض الدّعة في صحّة وسلامة ويجعلا في فناء العلا لهما دار إقامة ويبلغا من السعادة درجةً لا تريم عاليةً ولا ترام وتخضع لهما الّليالي والأيّام ويرشقاهما بسهام الصّروف ويطعناهما بأسنّتها ويفهما دعاء الأيام لهما من صدورها ويسمعاه من ألسنتها مخاطبةً لأبيه ومنشدةً لسائر أهله ومحبّيه ‏"‏ رجز ‏"‏‏:‏ مدّ لك الله الحياة مدّا حتّى ترى نجلك هذا جدّا الصنف الثاني‏:‏ التهنئة بالبنات‏.‏

من كلام المتقدمين‏:‏ أبو الحسين بن سعد‏:‏ النّعمة نعمتان إحداهما تعجّل الأنس والأخرى تدّخر الأجر وعلى حسب ما تتلقّى به من الشكر على ظاهر المحبوب والتّسليم فيما يجري مجرى بعض المكروه يكون المتاع عاجلاً والثواب آجلاً وما قدّمت القول إلاّ لما ظننته يعرض لك من الوجوم في هذه الموهبة في المولودة التي أرجو أن يعظّم الله بركتها ويجعلها أيمن مولودٍ في عصرها ودالّةً على سعادة أبيها وجدّها ولئن كان في الطبع حبّ الذّكور والشّغف بالبنين فإنّ البنين من البنات وهنّ باليمن معروفات وبالبركات موصوفات وبالذّكور في أثرهنّ مبشّرات فهنّأك الله النعمة فيها تهنئةً لا تنقضي سعادتها ولا يعترض النقص والتقدير شيئاً منها وأبقى هذه الصبيّة ممتعاً أبوها بها ومنشأً له الحظّ من حداثتها وبلّغها أفضل مبالغ الصالحات الفاتنات من أمّهاتها وجعل في مولدها أصدق دليل على طول عمر أبيها وسعادة جدّه وتضاعف نعم الله عنده إنه لطيفٌ جواد‏.‏

أبو مسلم محمد بن بحر‏:‏ مرحباً ببكر النّساء وبكر الأولاد وعقيلة الخباء والمأمولة للبركة والمشهورة باليمن وقد جرّبناه فوجدناه معهوداً مسعوداً والله يعرّفك أضعاف ما عرّف من قبلك ويبارك لك فيما رزقك ويثنّي لك بأخٍ للمولودة ويجعله رديفها وفي الخير قرينها وشريكها‏.‏

عليّ بن خلف‏:‏ وينهي أنّ المملوك اتّصل به ارتماض مولانا بمقدم الكريمة الوافدة بطالع السّعادة المتجدّدة فعجب المملوك من وقوع ذلك من مثل مولانا مع كمال نبله وشرف عقله وعلمه فإنّ الله تعالى جلّ اسمه يقول‏:‏ ‏"‏ يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذّكور ‏"‏ وإنّ ما جدّده الله تعالى من مواهبه جديرٌ أن يتلقّى بالسّرور والفرح لا بالاستياء والتّرح لا سيّما والذّكر إنما يتفضّل على الأنثى بنجابته لا بحليته وصورته وقد يقع في الإناث من هو أشرف من الذّكور طبعاً وأجزل عائدةً ونفعا وقد روي أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال‏:‏ ‏"‏ إذا رزق العبد الأنثى نادى منادٍ من السماء‏:‏ يا أهل الدار أبشروا بالرّزق وإذا رزق ذكراً نادى منادٍ من السماء‏.‏

أبو الفرج الببغاء‏:‏ لو كان الإنسان متصرّفاً في أمره بإرادته قادراً على إدراك مشيئته لبطلت دلائل القدرة واستحالت حقائق الصنّعة ودرست معالم الآمال وتساوى الناس ببلوغ الأحوال غير أنّ الأمر لمّا كان بغير مشيئته مصنوعاً وعلى ما عنه ظهر في الابتداء مطبوعاً كان المخرج له إلى الوجود من العدم فيما ارتضاه له غير متّهم ومولانا - أيّده الله - مع كمال فضله وتناهي عقله وحدّة فطنته وثاقب معرفته أجلّ من أن يجهل مواقع النّعم الواردة من الله تعالى عليه أو يتسخّط مواهبه الصادرة إليه فيرمقها بنواظر الكفر ويسلك بها غير مذاهب الشكر‏.‏

وقد اتّصل بالمملوك خبر المولودة كرّم الله غرّتها وأطال مدّتها وعرّف مولانا البركة بها وبلّغه أمله فيها وما كان من تغيّره عند اتّضاح الخبر وإنكار ما اختاره له سابق القدر فعجب المملوك من ذلك واستنكره من مولانا وأنكره لضيق العذر في مثله عليه‏.‏

وقد علم مولانا أنّهن أقرب إلى القلوب وأنّ الله تعالى بدأ بهنّ في الترتيب فقال جلّ من قائل‏:‏ ‏"‏ يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذّكور ‏"‏ وما سمّاه الله هبةً فهو بالشّكر أولى وبحسن التقبّل أحرى ولكم نسبٍ أفدن وشرفٍ استحدثن من طرق الأصهار والاتّصال بالأخيار والملتمس من الذّكر نجابته لا صورته وولادته ولكم ذكرٍ الأنثى أكرم منه طبعاً وأظهر منه نفعاً فمولانا يصوًر الحال بصورتها ويجدّد الشّكر على ما وهب منها ويستأنف الاعتراف له تعالى بما هو الأشبه ببصيرته والأولى بمثله إن شاء الله تعالى‏.‏